"الرؤية المختلفة في هذا الكتاب أنّه لا يناقش فكرة السجون كادواتٍ صُممت للعقاب فقط بل يتعدّاها إلى تطور البنية الاجتماعية التي تلعب دورًا مهمًا في عملية المراقبة ، وأكبر مثال على ذلك المستشفيات والمدارس بعملية التدّجين التي تتم فيها لصالح الحزب الحاكم غالبًا ، مُمارسةً العقاب بصورٍ مباشرة وغير مباشرة.
ببساطة انت لا تحتاج إلى السجن والتخويف دائمًا لتسيطر على الشعوب وخاصة مع التطور القائم لِتُصبح السلطة بمختلف مكوناتها وأفرعها جهاز لتغيير تلك المفاهيم القديمة وقمع الحريات والإرادة.
أفكار فوكو التي يتركها في كتبه مميزة وتفتح الذهن لأشياء كانت تخفى علي أو لم أُعرها اهتمامًا من قبل!"

"“مجتمعنا ليس مجتمع استعراض، ولكنه مجتمع مراقبة… فنحن لسنا على المدرجات أو خشبة المسرح، بل داخل دواليب الآلة البانوبتيكية” — فوكو.

كتاب يدرس أو يبحث من خلاله فوكو عن التحولات التاريخية الغربية التي طرأت على القوانين والأنظمة العقابية والطرق الجزائية ومختلف الأنظمة القصاصيةالممارسة في الفترة الممتدة من القرن السابع عشر حتى بداية القرن العشرين، و الذي شغل فيه الجسد محور تمثلات الطرق الجزائية. بناءً على وثائق تاريخية في فرنسا. حيث يمكن قراءة تاريخ مشترك للعلاقات السلطوية وللعلاقات الموضوعية. ودور المجتمعات في ذلك وما ترتب عليها من آثار أصابت بنْية المجتمع وإنسانيته.
وما تبع ذلك من ثورة، على مستوى الأجساد ضد جسد السجن بالذات.
" نشأة السجن ضمن النظام الجزائي الفرنسي، والفروقات فيما بين التطورات التاريخية والمؤسسات." من تاريخ من العقاب أو التعذيب العلني الجماهيري- المسرحي، إلى العقاب في السجن ومنه إلى الانفرادي، وما شمل ذلك من اصلاحات ؛ كالتعليم، والعمل، وغيره. أي ثورة وتمرد على ممارسة السلطة الجزائية والمؤسسات لجسد السجن والقوة.

" فالعنصر المعتمد في ظهور السجن هو تحويل السلطة العقابية إلى مؤسسة، أو بصورة أدق: إن سلطة العقاب ( مع الهدف الاستراتيجي الذي اتخذته لنفسها في آخر القرن الثامن عشر، وهو تقليص ( اللاشرعيات الشعبية) تتأمّن بصورة أفضل حين تتخفى وراء وظيفة اجتماعية عامة، داخل ( المدينة العقابية)، أو حين تتوظف داخل مؤسسة إكراهية، ضمن المكان المغلق، في ( الإصلاحية) ؟" -( ص181/182)

و يطرح بهذا الصدد فوكو عددًا من الأسئلة: كيف حل النموذج الإكراهي، الجسدي ، الانفرادي، السري لسلطة العقاب، محل النموذج التصوري، المسرحي الدلالي، العلنيّ، الجماعيّ؟ لماذا حلت الممارسة الجسدية للعقوبة ( و التي ليست هي التعذيب) مع السجن الذي هو قوامها المؤسسي، محل اللعبة الاجتماعية للدلالات العقابية، ومحل الاحتفال الصاخب الذي كان يروجها؟

الكتاب يصور بشكل أو بآخر رحلة الأخلاق في التاريخ البشري، ويطرح أمثلة من تاريخ الظلم الذي مارسته السلطات على الجسد بالقوة والعنف، والذي تجلى في كافة مؤسساتها من مثل؛ السجون، والمستشفيات، والثكنات العسكرية، وغيرها. ومن قرأ له "تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي"، سيلمس ذلك وبشكل جليّ.

كتاب مؤلم نفسياً وجسديًا وفكريًا."